خلال السنوات الأخيرة شهد العالم الإسلامي اهتماما متزايدا من قبل حكوماته
بالتصوف، ونشاطا ملحوظا من قبلها على توسيع رقعة انتشاره، موظفة لهذا
المسعى كل إمكانياتها اللوجيستية، ومسخرة كل طاقتها الإعلامية من أجل تحسين
صورة (التصوف) وإكسابه هالة روحية، وتلميع رواده وأقطابه ومشايخه.
ومن الواضح أن ما أقدمت عليه حكومات العالم الإسلامي من إحياء للتراث الصوفي والعمل بنشاط مثير على جعله بديلا للإسلام الحركي الذي انتشر بشكل ملحوظ بين أوساط الشباب، خصوصا، وبين باقي الفئات العمرية عموما، لم يكن فعلا تلقائيا بل كان صدى لسياسة حرب الأفكار التي بدأ الغرب، بزعامة أمريكا، في نهجها بناء على توصيات مؤسسات بحثية يتم استعمالها كرؤوس حراب في الحرب الامبريالية التي يخوضها الغرب ضد العالم الإسلامي، كمؤسسة راند و مؤسسة سميث ريتشاردسون ومؤسسة فورد وغيرها، والتي قدمت تقاريرها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ولعلها طبخت قبل هذا التاريخ وبقيت تنتظر الحدث السياسي المناسب لتطفو على السطح!!)، توصي من خلالها أمريكا بالتدخل لتهيئة الساحة للمعتدلين (ولا حاجة بنا هنا لتعريف هذا المصطلح! كما لا حاجة بنا لتعريف كلمة الإرهاب حين ينطقها الغرب!!).
وكان من الواضح أيضا أن الحرب التي أعلنتها حكومات العالم الإسلامي ضد الإسلام الحركي كانت جزءا أصيلا من المخطط الذي أعدته الدوائر الحكومية بأمريكا بناء على توصيات مراكز التفكير (المحايدة)! وهي الحرب التي اتخذت لها تجليات عدة ومستويات مختلفة بهدف عزل الإسلام الحركي عن ساحة الفعل والتأثير، لإتاحة المجال لعمل المعتدلين، الذين أتيحت لهم كل الإمكانيات المطلوبة لاحتلال مواقع المتشددين، حسب تصور تقارير مراكز التفكير الأمريكية.
ومن قبيل الاستطراد نقول: أننا حين نتحدث عن الإسلام الحركي فإننا لا نعني بالضرورة ما بات يعرف بالإسلام السياسي، والذي اختار نشطاؤه الاشتغال من داخل المنظومات السياسية والحزبية لبلدانهم، بل نعني به الفهم الصحيح للإسلام والسعي لتمثله على أرض الواقع ككل لا يقبل التبعيض ولا التجزيء، الإسلام الذي يقترح تصوره المتكامل على الآخرين ولا يكتفي بالدروشة وترديد أذكار رتيبة وابتهالات مكرورة لإشباع حاجة روحية بتدين مغشوش!
ويمكن لفقرات من تقرير مؤسسة راند، والتي كان من بين أعضاء <مجلس أمنائها> كلا من: دونالد رامسفيلد و كوندوليزا رايس وزلماي خليل زادة!! و الذي يهدف، حسب التعبير الصريح لمعديه، إلى مواجهة الخطر الإسلامي وإلى تحديد نوعية العلاقة ما بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية! يمكن لهذه الفقرات أن تسلط الكثير من الضوء على أهداف التقرير وغاياته! نوردها قبل أن نواصل حديثنا عن نوعية الاعتدال الذي تدعمه أمريكا كزعيمة للغرب في حربها الصليبية على الإسلام، هذه الفقرات تشير إلى: إن الصراع الموجود حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي عبارة عن حرب للأفكار . وسوف تحدد نتائج هذه الحروب التوجهات المستقبلية للعالم الإسلامي وما إذا كان خطر المجاهدين الإرهابيين سوف يستمر مع عودة بعض المجتمعات الإسلامية إلى بعض أنماط التعصب والعنف!! وهذه الحرب لها تأثير عميق على أمن الدول الغربية. وعلى الرغم من أن الإسلاميين المتطرفين يعتبرون قلة في كل مكان إلا أنهم يحظون بالتفوق في العديد من المناطق . ويكمن السبب وراء ذلك بدرجة كبيرة في أنهم قاموا بتطوير شبكات شاملة تغطي العالم الإسلامي وتتجاوزه في بعض الأحيان إلى المجتمعات الإسلامية في أمريكا الشمالية وأوروبا . أما المسلمون المعتدلون والليبراليون ، رغم أنهم أكثرية في العالم الإسلامي ، فإنهم لم يُنشئوا شبكات مماثلة. ويمكن لشبكات ومؤسسات المسلمين المعتدلين أن تعمل على توفير منبر لتقوية رسالة المعتدلين إضافة إلى كونها تشكل قدراً من الحماية ضد العنف والإرهاب .
والتقرير، وإن حاول معدوه، أن يموهوا على الجهات المعنية، من خلاله، بحيلة الكنى والألقاب المستعارة كمثل: المعتدلين و المتطرفين، فإن المعنى كان واضحا لا يحتاج لكثير ذكاء لمعرفة أن المستهدف هو الإسلام، الإسلام كما أراده منزل القرآن وباعث خاتم الأنبياء، الإسلام الذي بات يشكل أخطر تهديد على مصالح الغرب الحيوية التي تقتات على جهل وفقر الشعوب المستضعفة، الإسلام الذي كان قد أسس أمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، لا إسلام الدروشة والمسكنة والخنوع والتحالف مع الغزاة.
فما الذي رشح التصوف لينال رضا الغرب ويسبغ عليه صفة الاعتدال للقيام بدور حصان طروادة لتدمير الإسلام من الداخل؟ فالغرب لا يبني اختياراته على عواطف أو ردود أفعال مجانية بل على دراسات متأنية ومعرفة عميقة من الداخل، وعلى هذا الأساس جاء اختياره للتصوف ليقوم بمهمة تقويض البناء الإسلامي من الداخل عن طريق تمييع الحدود وخلط المفاهيم وتمطيط مساحة التسامح لتشمل إبليس نفسه!
فكل دارس متحرر للتصوف (وأؤكد هنا على التحرر الفكري والعقائدي!) يدرك أن الأيادي الخفية التي وضعت أسسه ومنطلقاته كانت تروم القضاء على الإسلام باصطناع دين بديل هو خليط عجيب من عقائد البراهمة والهنادك وفلاسفة اليونان الأقدمين، والملاحدة والزنادقة...، تم مزجه لصناعة مركب غريب يجعل ذهنك، عند تناوله، متقبلا لكل الصور، وتنمحي فيه كل الفواصل والحدود، فلا يبقى فرعون فرعونا ولا إبليسا إبليسا ولا الحلال حلالا ولا الحرام حراما، وتصير نفسك عجينة طيعة بين يدي بائعي الأحلام من أمثال ابن عربي وابن سبعين والحلاج وأبا يزيد البسطامي وهلم شطحا! حتى تصير متمثلا بقول ابن عربي:
لقد صار قلبي قابلا لكل صورة... فمأوى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف... وألواح توراة ومصحف قرآن
فيصير عندك للقرآن ظاهر وباطن ورموزا وأسرارا لا يعقلها إلا من أوغل في عقيدة الحلول والاتحاد! وفي مقابل الشريعة حقيقة لا يدركها إلا خواص أهل التصوف! وحين يطلعونك عليها لا تتورع عن السجود لإبليس لأنه هو الذي عرف حقيقة التوحيد حين رفض الامتثال لأمر الله بالسجود لآدم! وتصير الطريق الوحيدة التي حدد معالمها الإسلام، طرقا بعدد أنفاس الخلائق! ولا تنتهي النبوة مع خاتمها محمد (ص) بل تستمر مع الأقطاب والأغواث، الذين يملكون حقا إلهيا للتصرف في الشريعة والأتباع، وفق تصورهم المغرق في الوجد الشيطاني! وتنمحي في وجدانك عقيدة الولاء والبراء، بعد أن تقتنع أن الكفر مظهر من مظاهر الإيمان، والشرك عبادة لله خالصة لله من خلال تجل من تجلياته!
وقد فطن كثير من علمائنا، السلف منهم والخلف، إلى خطورة ما يحاك في دهاليز التصوف، فعملوا على وضع تآليف كشفوا فيها عن خبايا وأسرار هذا الدين المبتكر، والذي حاول مؤسسوه وأقطابه إخفاؤه باللعب على الألفاظ وإغراقه بوابل من الرموز والطلاسم، وبهرجته بتسابيح تكون وسيلة لاستدراج المريد إلى حلقة الحلول والاتحاد والتي بدخولها تتحقق له المكاشفة التي يمكن تلخيصها في: ضياع المعالم والحدود والدخول في عالم من المتاهات اللانهائية حتى يسلسل الانقياد وتسهل السيطرة!!
ومن الواضح أن ما أقدمت عليه حكومات العالم الإسلامي من إحياء للتراث الصوفي والعمل بنشاط مثير على جعله بديلا للإسلام الحركي الذي انتشر بشكل ملحوظ بين أوساط الشباب، خصوصا، وبين باقي الفئات العمرية عموما، لم يكن فعلا تلقائيا بل كان صدى لسياسة حرب الأفكار التي بدأ الغرب، بزعامة أمريكا، في نهجها بناء على توصيات مؤسسات بحثية يتم استعمالها كرؤوس حراب في الحرب الامبريالية التي يخوضها الغرب ضد العالم الإسلامي، كمؤسسة راند و مؤسسة سميث ريتشاردسون ومؤسسة فورد وغيرها، والتي قدمت تقاريرها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ولعلها طبخت قبل هذا التاريخ وبقيت تنتظر الحدث السياسي المناسب لتطفو على السطح!!)، توصي من خلالها أمريكا بالتدخل لتهيئة الساحة للمعتدلين (ولا حاجة بنا هنا لتعريف هذا المصطلح! كما لا حاجة بنا لتعريف كلمة الإرهاب حين ينطقها الغرب!!).
وكان من الواضح أيضا أن الحرب التي أعلنتها حكومات العالم الإسلامي ضد الإسلام الحركي كانت جزءا أصيلا من المخطط الذي أعدته الدوائر الحكومية بأمريكا بناء على توصيات مراكز التفكير (المحايدة)! وهي الحرب التي اتخذت لها تجليات عدة ومستويات مختلفة بهدف عزل الإسلام الحركي عن ساحة الفعل والتأثير، لإتاحة المجال لعمل المعتدلين، الذين أتيحت لهم كل الإمكانيات المطلوبة لاحتلال مواقع المتشددين، حسب تصور تقارير مراكز التفكير الأمريكية.
ومن قبيل الاستطراد نقول: أننا حين نتحدث عن الإسلام الحركي فإننا لا نعني بالضرورة ما بات يعرف بالإسلام السياسي، والذي اختار نشطاؤه الاشتغال من داخل المنظومات السياسية والحزبية لبلدانهم، بل نعني به الفهم الصحيح للإسلام والسعي لتمثله على أرض الواقع ككل لا يقبل التبعيض ولا التجزيء، الإسلام الذي يقترح تصوره المتكامل على الآخرين ولا يكتفي بالدروشة وترديد أذكار رتيبة وابتهالات مكرورة لإشباع حاجة روحية بتدين مغشوش!
ويمكن لفقرات من تقرير مؤسسة راند، والتي كان من بين أعضاء <مجلس أمنائها> كلا من: دونالد رامسفيلد و كوندوليزا رايس وزلماي خليل زادة!! و الذي يهدف، حسب التعبير الصريح لمعديه، إلى مواجهة الخطر الإسلامي وإلى تحديد نوعية العلاقة ما بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية! يمكن لهذه الفقرات أن تسلط الكثير من الضوء على أهداف التقرير وغاياته! نوردها قبل أن نواصل حديثنا عن نوعية الاعتدال الذي تدعمه أمريكا كزعيمة للغرب في حربها الصليبية على الإسلام، هذه الفقرات تشير إلى: إن الصراع الموجود حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي عبارة عن حرب للأفكار . وسوف تحدد نتائج هذه الحروب التوجهات المستقبلية للعالم الإسلامي وما إذا كان خطر المجاهدين الإرهابيين سوف يستمر مع عودة بعض المجتمعات الإسلامية إلى بعض أنماط التعصب والعنف!! وهذه الحرب لها تأثير عميق على أمن الدول الغربية. وعلى الرغم من أن الإسلاميين المتطرفين يعتبرون قلة في كل مكان إلا أنهم يحظون بالتفوق في العديد من المناطق . ويكمن السبب وراء ذلك بدرجة كبيرة في أنهم قاموا بتطوير شبكات شاملة تغطي العالم الإسلامي وتتجاوزه في بعض الأحيان إلى المجتمعات الإسلامية في أمريكا الشمالية وأوروبا . أما المسلمون المعتدلون والليبراليون ، رغم أنهم أكثرية في العالم الإسلامي ، فإنهم لم يُنشئوا شبكات مماثلة. ويمكن لشبكات ومؤسسات المسلمين المعتدلين أن تعمل على توفير منبر لتقوية رسالة المعتدلين إضافة إلى كونها تشكل قدراً من الحماية ضد العنف والإرهاب .
والتقرير، وإن حاول معدوه، أن يموهوا على الجهات المعنية، من خلاله، بحيلة الكنى والألقاب المستعارة كمثل: المعتدلين و المتطرفين، فإن المعنى كان واضحا لا يحتاج لكثير ذكاء لمعرفة أن المستهدف هو الإسلام، الإسلام كما أراده منزل القرآن وباعث خاتم الأنبياء، الإسلام الذي بات يشكل أخطر تهديد على مصالح الغرب الحيوية التي تقتات على جهل وفقر الشعوب المستضعفة، الإسلام الذي كان قد أسس أمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، لا إسلام الدروشة والمسكنة والخنوع والتحالف مع الغزاة.
فما الذي رشح التصوف لينال رضا الغرب ويسبغ عليه صفة الاعتدال للقيام بدور حصان طروادة لتدمير الإسلام من الداخل؟ فالغرب لا يبني اختياراته على عواطف أو ردود أفعال مجانية بل على دراسات متأنية ومعرفة عميقة من الداخل، وعلى هذا الأساس جاء اختياره للتصوف ليقوم بمهمة تقويض البناء الإسلامي من الداخل عن طريق تمييع الحدود وخلط المفاهيم وتمطيط مساحة التسامح لتشمل إبليس نفسه!
فكل دارس متحرر للتصوف (وأؤكد هنا على التحرر الفكري والعقائدي!) يدرك أن الأيادي الخفية التي وضعت أسسه ومنطلقاته كانت تروم القضاء على الإسلام باصطناع دين بديل هو خليط عجيب من عقائد البراهمة والهنادك وفلاسفة اليونان الأقدمين، والملاحدة والزنادقة...، تم مزجه لصناعة مركب غريب يجعل ذهنك، عند تناوله، متقبلا لكل الصور، وتنمحي فيه كل الفواصل والحدود، فلا يبقى فرعون فرعونا ولا إبليسا إبليسا ولا الحلال حلالا ولا الحرام حراما، وتصير نفسك عجينة طيعة بين يدي بائعي الأحلام من أمثال ابن عربي وابن سبعين والحلاج وأبا يزيد البسطامي وهلم شطحا! حتى تصير متمثلا بقول ابن عربي:
لقد صار قلبي قابلا لكل صورة... فمأوى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف... وألواح توراة ومصحف قرآن
فيصير عندك للقرآن ظاهر وباطن ورموزا وأسرارا لا يعقلها إلا من أوغل في عقيدة الحلول والاتحاد! وفي مقابل الشريعة حقيقة لا يدركها إلا خواص أهل التصوف! وحين يطلعونك عليها لا تتورع عن السجود لإبليس لأنه هو الذي عرف حقيقة التوحيد حين رفض الامتثال لأمر الله بالسجود لآدم! وتصير الطريق الوحيدة التي حدد معالمها الإسلام، طرقا بعدد أنفاس الخلائق! ولا تنتهي النبوة مع خاتمها محمد (ص) بل تستمر مع الأقطاب والأغواث، الذين يملكون حقا إلهيا للتصرف في الشريعة والأتباع، وفق تصورهم المغرق في الوجد الشيطاني! وتنمحي في وجدانك عقيدة الولاء والبراء، بعد أن تقتنع أن الكفر مظهر من مظاهر الإيمان، والشرك عبادة لله خالصة لله من خلال تجل من تجلياته!
وقد فطن كثير من علمائنا، السلف منهم والخلف، إلى خطورة ما يحاك في دهاليز التصوف، فعملوا على وضع تآليف كشفوا فيها عن خبايا وأسرار هذا الدين المبتكر، والذي حاول مؤسسوه وأقطابه إخفاؤه باللعب على الألفاظ وإغراقه بوابل من الرموز والطلاسم، وبهرجته بتسابيح تكون وسيلة لاستدراج المريد إلى حلقة الحلول والاتحاد والتي بدخولها تتحقق له المكاشفة التي يمكن تلخيصها في: ضياع المعالم والحدود والدخول في عالم من المتاهات اللانهائية حتى يسلسل الانقياد وتسهل السيطرة!!

ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق